تعدد زوجات النبي كان لأهداف إنسانية وسياسية
لا يمل أعداء الإسلام من ترديد الأكاذيب والافتراءات حول خاتم الأنبياء والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليه.
اتهام رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه بالشهوانية وعشق النساء استنادا إلى تعدد زوجاته، اتهام قديم كشف زيفه
العديد من علماء المسلمين، لكن بعض أصحاب العقول المريضة من الكتاب ورجال الدين غير المسلمين لا يزالون يرددون هذه الشبهة وتلك الأكذوبة.
المفكر الإسلامي الدكتور عبد الصبور مرزوق -نائب رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في مصر- يفند هذه الأكذوبة فيقول:
لو أمعنا النظر في سيرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، في مرحلة ما قبل الزواج لوجدنا أنه كان مثالا في العفة والطهارة.
ويضيف: قبيل زواجه عمل في التجارة لخديجة بنت خويلد الأرملة الثرية ذات الحسب والشرف التي كانت تكبره بخمسة عشر عاما،
ولمست من خلال التعامل معه أمانته وعفته وطيب شمائله، فبعثت إليه تعرض زواجها منه، وتم هذا الزواج.
وكان له منها الأولاد جميعا، إلا إبراهيم الذي كان من “مارية” المصرية، وعاش معها حتى توفيت وكان قد جاوز الخمسين.
لما توفيت خديجة حزن عليها الرسول كما لم يحزن من قبل، حتى أشفق عليه أصحابه فبعثوا إليه “خولة بنت حكيم” تحثه على الزواج،
فقال لها أمن بعد خديجة؟ قالت عائشة بنت أبي بكر أحب الناس إليك، قال : ولكنها صغيرة قالت : الصغيرة تنضج، قال :
ومن لبنات رسول الله حتى تنضج؟ قالت: سودة بنت زمعة، وهي أرملة السكران بن عمرو الذي توفي عنها بعدما عاد من الهجرة
إلى الحبشة وتركها بين أهله المشركين فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولما سمع الناس بأمر هذا الزواج أيقنوا انه إنما ضمها رفقا بحالها وشفقة عليها وحفظا لإسلامها لأنها كانت مسنة غير ذات جمال
ولا مطمع فيها للرجال.ويقول الدكتور مرزوق: هذا دليل على أن “التعدد” الذي حدث بعد الرابعة والخمسين إلى الستين
لم يكن للشهوة والملذات وإنما لأسباب إنسانية وسياسية حكيمة.
فالسيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب استشهد زوجها خنيس بن حذافة السهمي في غزوة بدر وهي في الثامنة عشرة، فخاف أبوها عليها
فعرضها على أبي بكر فلم يجبه، فعرضها على عثمان، وكانت زوجته رقية بنت الرسول قد ماتت، فأعرض عنه، فذهب غاضبا إلى
الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو إعراض صاحبيه ، فقال الرسول مطيبا خاطره، مداويا جرحه : يتزوج حفصة من هو
خير من عثمان ، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة، فتزوجها صلى الله عليه وسلم.
وما عرضه عمر من تزويج ابنته دليل واضح على حرص المجتمع على تزويج أرامل الشهداء جبرا لكسرهن وصونا لعفافهن.
والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية كانت أرملة عبيدة بن الحارث ابن عم الرسول الذي استشهد في غزوة بدر.
والسيدة أم سلمة “هند بنت زاد الراكب” أرملة عبدالله بن عبد الأسد، ابن عمة الرسول، الذي جرح في غزوة بدر واستشهد في أعقاب غزوة احد.
وكونه لم يتقدم إليها إلا بعد رفضها لصاحبيه دليل على نفي حكاية الشهوة في هذا الزواج الذي كان المقصود منه حماية أرامل الشهداء ورعاية أولادهم.
والسيدة زينب بنت جحش وزواجها -كما تحدث القرآن- كان لحكمة تشريعية هي إبطال عادة التبني التي كانت سائدة في المجتمع.
والسيدة ريحانة بنت عمرو القرظية، كانت من سبي يهود بني قريظة، وعرض عليها الرسول أن يعتقها ويتزوجها فآثرت أن تكون في ملك
“اليمين”، وكان دخولها بيت النبوة سببا في كسر حدة عداوة أهلها وتليين قلوبهم.
والسيدة برة (جويرية) بنت الحارث سيدة بني المصطلق، كانت وقعت في السهم لثابت بن قيس فكاتبها على نفسها مغاليا في القيمة،
فذهبت إلى الرسول تستعينه فقال لها: هل لك في خير من ذلك؟ قالت وما هو؟ قال أقضي عنك وأتزوجك؟ قالت نعم، ولما ذاع الخبر
حرر المسلمون مائة امرأة من قومها كن سبايا، فلما علم قومها بذلك دخل كثير منهم في الإسلام.
والسيدة أم حبيبة بنت أبي سفيان كانت مع زوجها في الهجرة الأولى إلى الحبشة لكنه “تنصر” ففارقته، فلما علم الرسول بعث إلى
النجاشي فزوجها له وكيلا عن الرسول، ودخل بها بعد العودة من الحبشة ، وواضح جانب السياسة في هذا الزواج ، والسيدة
صفية بنت حُيي سيدة بني النضير عرض عليها أن يعتقها ويتزوجها فقبلت.
والسيدة ميمونة بنت الحارث كانت أرملة وكانت شقيقة زوجة العباس عم الرسول، وهما اللذان سعيا في زواجه منها فاستجاب تقديرا
لفضلهما عليه وعلى الدعوة وقبل هذا صونا لعفاف هذه الأرملة.
والسيدة مارية القبطية (هدية المقوقس عظيم القبط إلى الرسول) أم إبراهيم التي آمنت فيما بعد كان وجودها في بيت النبوة سببا في حصول المودة مع القبط في مصر.